ما عليك فعله بعد تسريحك من عملك
إن فقدان العمل هو تجربة مرهقة نفسياً وجسديًا، وقد تثير مشاعر مختلطة من الحزن، والغضب، والخوف، وأحيانًا الشك في الذات. لكن هذا الوضع لا يعني نهاية الطريق أو الفشل الشخصي. بل على العكس، قد يكون فرصة لإعادة تقييم مسار حياتك المهنية، واستكشاف فرص جديدة، واكتساب مهارات جديدة قد تكون سببا لنجاحك المستقبلي. في هذا المقال، سنتناول ما عليك فعله بعد تسريحك من عملك وكيفية التعامل مع هذا التحدي من خلال خطوات عملية ومفيدة.
أولاً: تقبل الصدمة العاطفية وابدأ في التعامل مع مشاعرك
أول خطوة مهمة بعد تسريحك من عملك هي التعامل مع مشاعرك. من الطبيعي أن تشعر بالصدمة أو الحزن أو حتى الغضب بعد فقدان وظيفتك. عليك أن تعطي نفسك وقتًا لتهدأ والتفكير في ما حدث. خلال هذا الوقت، من المفيد أن تبتعد عن اتخاذ أي قرارات مهمة تتعلق بالمستقبل القريب.
من خلال تقبل مشاعرك، يمكن أن تبدأ في إدارة الصدمة بشكل صحي. التواصل مع الأصدقاء والعائلة، أو حتى مع محترف مثل مستشار نفسي، قد يساعدك في تجاوز هذه المرحلة. ابدأ بتدوين أفكارك ومشاعرك، فالتعبير عن نفسك يمكن أن يكون مريحًا.
ثانياً: تقييم الوضع المالي واتخاذ خطوات عملية
أحد أكبر المخاوف التي قد يواجهها أي شخص بعد تسريحه من عمله هو الوضع المالي. لذا، من الضروري أن تقوم بتقييم وضعك المالي بشكل سريع وواقعي. عليك أولاً أن تعرف المدة التي يمكنك العيش بها دون دخل ثابت. قم بتحديد المصاريف الأساسية مثل الإيجار، الطعام، والفواتير، وقلل من النفقات غير الضرورية في هذه الفترة.
خطوات عملية للتعامل مع الوضع المالي:
-
مراجعة الميزانية الشخصية: خصص وقتًا لمراجعة دخل ونفقات الأسرة. قلل من المصاريف غير الضرورية.
-
ادخار الطوارئ: إذا كنت تمتلك أي مدخرات، يجب أن تحدد المدة التي ستغطيها هذه المدخرات. حاول ألا تصرف منها إلا عند الحاجة القصوى.
-
البحث عن مصدر دخل بديل: إذا كنت بحاجة إلى دخل سريع، يمكنك التفكير في وظائف مؤقتة أو العمل الحر عبر الإنترنت. يمكن لمواقع مثل Upwork أو Fiverr أن تقدم فرصًا للعمل عن بعد في مجالات متعددة.
-
طلب إعانة البطالة: في العديد من الدول، يمكن للأشخاص الذين تم تسريحهم من عملهم الحصول على إعانات بطالة من الدولة. تأكد من أنك تقدم طلبًا للحصول على هذا الدعم إن كان متاحًا.
ثالثاً: تحديث سيرتك الذاتية والبحث عن فرص جديدة
بعد أن تكون قد تعاملت مع مشاعرك بشكل مناسب وقمت بتقييم وضعك المالي، حان الوقت للتركيز على المستقبل. أول خطوة يجب أن تقوم بها هي تحديث سيرتك الذاتية. قد تحتاج إلى إضافة تجارب جديدة أو إزالة بعض التفاصيل غير ذات الصلة. كما أن سيرة ذاتية حديثة تعكس مهاراتك الحالية تعتبر خطوة أساسية لجذب انتباه أصحاب العمل المحتملين.
إليك بعض النصائح لتحديث سيرتك الذاتية:
-
إضافة المهارات الجديدة: إذا كنت قد اكتسبت مهارات جديدة أثناء عملك أو بعد تسريحك، تأكد من إضافتها إلى سيرتك الذاتية. على سبيل المثال، قد تكون قد تعلمت أدوات تقنية جديدة أو حصلت على شهادات إضافية.
-
إبراز النجاحات المهنية: استعرض إنجازاتك في وظائفك السابقة. حاول التركيز على النقاط التي تظهر تأثيرك المباشر في تحسين الأداء أو تحقيق الأهداف.
-
استخدام اللغة المناسبة: تذكر أن استخدام كلمات رئيسية مرتبطة بالوظيفة التي تسعى إليها سيجعل سيرتك الذاتية أكثر جاذبية للأنظمة التي تستخدمها الشركات للفرز الأولي.
البحث عن وظائف جديدة:
-
استخدام منصات التوظيف الإلكترونية: هناك العديد من المواقع التي توفر فرص عمل في مختلف المجالات مثل LinkedIn، Glassdoor، و Indeed. قم بالتسجيل في هذه المواقع وابدأ في تقديم طلباتك.
-
التواصل مع شبكة العلاقات: لا تقلل من قيمة الشبكة المهنية التي بنيتها خلال مسيرتك. قد تعرف شخصًا في مجال عملك الحالي أو المستقبلي يمكنه مساعدتك في الحصول على وظيفة جديدة.
-
المشاركة في المؤتمرات والمعارض المهنية: يمكن أن تكون هذه الفعاليات فرصًا رائعة للتواصل مع أصحاب العمل المحتملين.
رابعاً: تحسين مهاراتك وتعلم الجديد
في بعض الحالات، قد تكون لديك فرصة للاستفادة من فترة الانتقال من وظيفة إلى أخرى لتحسين مهاراتك أو تعلم مهارات جديدة. التحسين الذاتي المستمر يعد أداة قوية للتكيف مع التغيرات في السوق والعمل في المستقبل. سواء كنت ترغب في تعلم تقنية جديدة أو الحصول على شهادة متقدمة، فإن الاستثمار في تعليمك سيمنحك ميزة تنافسية.
إليك بعض الطرق لتطوير مهاراتك:
-
الدورات التدريبية عبر الإنترنت: منصات مثل Coursera، Udemy، LinkedIn Learning، وغيرها تقدم العديد من الدورات التي يمكن أن تساعدك على تعلم مهارات جديدة.
-
الشهادات المهنية: إذا كنت تعمل في مجال يحتاج إلى شهادات محددة، مثل البرمجة أو الإدارة، فإن الحصول على شهادة معترف بها يمكن أن يفتح أمامك أبوابًا جديدة.
-
القراءة والبحث: حاول أن تقرأ الكتب والمقالات التي تتعلق بمجال عملك أو المجالات التي ترغب في الانتقال إليها. يمكن لهذا أن يساعدك في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الاتجاه الذي تريد اتباعه.
خامساً: النظر في الخيارات المختلفة مثل العمل الحر أو ريادة الأعمال
تسريحك من عملك قد يكون فرصة أيضًا لتفكر في مسارات مهنية أخرى. إذا كنت قد فكرت يومًا في العمل الحر أو بدء مشروعك الخاص، فقد تكون هذه اللحظة المناسبة لتجربة ذلك.
العمل الحر:
العديد من الأشخاص يختارون العمل كمستقلين بعد فقدانهم وظائفهم التقليدية. يمكنك استخدام مهاراتك في الكتابة، التصميم، البرمجة، التسويق، أو أي مجال آخر لتقديم خدماتك عبر الإنترنت. العمل الحر يعطيك مرونة أكبر في تحديد ساعات العمل والأجر.
ريادة الأعمال:
إذا كنت تمتلك فكرة تجارية أو منتجًا مميزًا، قد يكون هذا الوقت المثالي لبدء مشروعك الخاص. بالطبع، ريادة الأعمال تتطلب الكثير من الجهد والتخطيط، لكنها قد تكون أكثر إرضاءً على المدى البعيد. تأكد من إجراء أبحاث السوق وتطوير خطة عمل محكمة قبل بدء أي مشروع تجاري.
سادساً: الحفاظ على التوازن النفسي والبدني
أثناء البحث عن عمل جديد أو أثناء تعلم مهارات جديدة، من المهم أن تعتني بنفسك جسديًا وعقليًا. التسريح من العمل يمكن أن يكون مرهقًا للغاية، لذا لا تهمل صحتك أثناء هذه الفترة.
-
مارس الرياضة بانتظام: الرياضة تساعد في تقليل مستويات التوتر وتحسين المزاج. حاول أن تخصص وقتًا لممارسة التمارين التي تحبها.
-
اتبع نظامًا غذائيًا صحيًا: الطعام المتوازن يساعدك على الحفاظ على طاقتك ويسهم في تحسين حالتك النفسية.
-
النوم الجيد: النوم مهم للغاية للحفاظ على الطاقة والتركيز. تأكد من أنك تحصل على قسط كافٍ من النوم كل ليلة.
سابعاً: التفاعل مع مجتمعك ودعمه
أثناء هذه الفترة، يمكن أن يساعدك الانخراط في المجتمع المحلي أو عبر الإنترنت في تجاوز صعوبة المرحلة. سواء من خلال التطوع أو الانضمام إلى مجموعات دعم أو حتى لقاء أشخاص آخرين مروا بتجربة مشابهة، التفاعل مع الآخرين يمكن أن يوفر لك الدعم المعنوي الذي تحتاجه.
الانخراط في مجتمعاتك المحلية أو المهنية لا يقتصر فقط على المساعدة في عملية الشفاء النفسي، بل يمكن أن يؤدي أيضًا إلى فرص جديدة. قد تجد فرصًا للعمل في المنظمات غير الربحية أو حتى فرص للعمل المجتمعي الذي يمكن أن يقودك إلى وظائف دائمة.
الخاتمة
تسريحك من عملك ليس نهاية الطريق، بل قد يكون بداية لفصل جديد في حياتك. مع التصرف السليم والوقت الكافي لإعادة تقييم أولوياتك، يمكنك تحويل هذه المحنة إلى فرصة للنمو والتطور. من خلال التخطيط الجيد، والسعي لتحسين مهاراتك، واكتشاف طرق جديدة لتحقيق النجاح، يمكنك تجاوز هذه المرحلة والانتقال إلى مرحلة أكثر إشراقًا.


